سيف الدين قطز أسد عين جالوت

4 min read

أسد عين جالوت 

تنبيه (( هذه قصة حقيقية و ليست خرافة أو أسطورة تحكى للتسلية فقط ))

تبدأ قصتنا بأمير تركماني مسلم إسمه ممدود من عائلة السلطان خوارزم شاه، كتب لهذا الرجل الشهادة في إحدى المعارك ضد جيش جنكيزخان، تاركا وراءه زوجته أخت السلطان جلال الدين الخوازمي ابن عمه و إبن صغير سماه محمود في القصر الملكي.

كان السلطان جلال الدين ينظر إليه بعين الشفقة و يحبه أكثر من حب الخال لابن أخته بل أكثر من أبناءه، فأخذ يربيه تربية الملوك و الأمراء فعلمه الفروسية و القتال رغم صغر سنه، لكن ما لبث أن يكبر حتى إجتاح جيش جنكيزخان البلاد و قتل العباد فقتلت أمه أمام عينه و رغم صغر سنه أظهر ذلك الفتى شجاعة لم يتحلى بها حتى حراس قصره، و كانت عينيه تقدح الشرر محاولا مبارزة المغول لهذا أطلق عليه لقب (( الكلب الشرس)).

بعدما كان أميرا مكرما محترما، أصبح عبدا يباع في سوق الرقيق بدمشق فاشتراه رجل ثري اسمه موسى ابن غانم المقدسي.... ذات يوم كان محمود عبدا خادما ضربه سيده و سبه بأبيه و جده و نعته بالكافر بابن الكفار ... و من عزة نفسه لم يشأ محمود لا الأكل و لا الشرب و ظل باكيا طوال الوقت، الا أن جاء ابن سيده ليسترضيه....

(( كل هذا من أجل لطمة يا محمود ؟؟!!!)) ....

(( لا، إنما بكائي لسبه أبي و أمي و هم خير منه))....

(من أبوك ؟؟.... المسلم خير من الكافر ))....

(( و الله ما أنا إلا مسلم ابن مسلم، محمود ابن ممدود ابن أخت خوازم شاه، من أولاد الملوك)).

منذ ذلك اليوم قرر أسياده حسن معاملته و علموه العربية و حفظ القرآن و تعلم الحديث بشغف، بعد مدة قصيرة مات سيده موسى، و أصبح في خدمة ابن سيده الذي كان مقرب له، فطلب منه محمود أن يبيعه مرة أخرى في سوق الرق لكن ليس لأي شخص بل لمحارب من مماليك بحرية الملك الصالح نجم الدين أيوب، ليكمل تدريبه و يصبح محاربا لأنه وضع الانتقام من المغول نصب عينيه كحلم يعرف أنه مستحيل و بعيد المنال لكنه كان يدعو الله بقلب مخلص و يوقن أنه الله قادر سميع عليم.

ذات يوم بأحد معسكرات التدريب التابعة لمماليك البحرية، استيقظ محمود و الدموع تفيض من عينيه، ظل صامتا واضعا رأسه على ركبتيه و بركة من الدموع بين رجليه، جلس صديقه جمال الدين الذي يعرف سره بالقرب منه فرآه مهموما، فصار يفلي رأس محمود المليء بالقمل و يمازحه و يذمه تخفيفا منه لكنه فاجأه بحديث غريب....

(( وليك، ماذا تريد أن أعطيك إن ملكت الديار المصرية))...

سسسسسس

ضحك جمال و نعته بالمجنون .

لكنه رد و قال (( لقد رأيت الرسول (ﷺ) في المنام و قال لي، أنت تملك الديار المصرية و تهزم التتار، و قول رسول الله حق لا شك فيه)).

و لمعرفة جمال بصدقه طلب منه إمرة خمسين فارسا ....

مرت الأيام و شارك محمود في عدة حروب منها انقاذ مصر من الصليبيين في حملتهم السابعة على مصر و أبلى البلاء الحسن فصار من القادة البارزين و الأمراء المقربين من البلاط الملكي.

كان رجلا بسيطا زاهدا في معيشته لا يتعاطى مسكرا كما يفعل الأمراء، يشهد له الجميع محافظته على صلاة الجماعة، لم يستولى على العرش طمعا في جاه و لا مال لهذا أحبه الأعيان و الرعية و كانت الناس تدعوا له في كل مكان.

و كأن رؤيته رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في المنام منذ صغره أنارت دربه و كان كلما حاز عن الطريق تذكر تلك الرؤيا و عرف أن في انتظاره مهمة كبيرة.

من مواقفه أنه يوم أراد الخروج بجيش مصر لملاقاة التتار كان الأمراء و القواد في تردد و خوف، فخرج عليهم و أنبهم و أذمهم لجبنهم و شرع في المسير وحده فتبعه الرجال استحياءا .... و في معركة عين جالوت حين رأى الغلبة للتتار رمى بخوذته و ترك موقعه و انحدر كالنسر منقضا على الأعداء يصيح في رجاله بإنقاذ الاسلام و كان له ذلك.... و بعد المعركة عاتبه أمراؤه في عدم ركوبه لحصان حين سقط عن جواده و أخبروه أنه لو تم قتله لانتهى أمر الاسلام ..فرد عليهم قائلا (( أما أنا فأذهب للجنة و أما الاسلام فله رب يحميه)).

فعلا كما أخبره الرسول الكريم (ﷺ) هزم التتار في عين جالوت و طردهم بعد تلك الوقعة من الشام، و كأن الله أراد أن يختم حياته بتلك الخدمة للإسلام و المسلمين ... قتله أمراء جيشه في طريق عودته الى مصر ....و عمره لا يتجاوز الأربعين سنة رحمه الله و أرضاه.

كان اسمه محمود ابن ممدود سماه المسلمين سيف الدين و سماه المغول قطز(( الكلب الشرس)) لكن الله كرمه و أعزه من صفة كهذه ..... و جزاه الله عنا كل خير و أدخله الجنة مع الصالحين و الأبرار...

قد تُعجبك هذه المشاركات

سسسسسسسس
جميع الحقوق محفوظة لـ عالم من المعلومات Premium By Raushan Design